شيخوخة الشباب

شيخوخة الشباب

هل هناك ما يعرف بشيخوخة الشباب؟ أليس الشباب مرحلة عمرية والشيخوخة مرحلة عمرية أخرى؟ هل يمكن للشباب أن يكونوا شيوخا والشيوخ أن يكونوا شبابا؟

قبل أن نتحدث عن شيخوخة الشباب دعونا ننظر ماذا يحدث في الشيخوخة الحقيقة من تغييرات في جسم الإنسان. تتنوع التغييرات التي تحدث في جسم المسن، منها ما يكون نقصا في الخلايا كنقص خلايا الدماغ فيصاب بفقدان الذاكرة قصيرة المدى، ومنها ما هو نقص في بعض المواد كنقص مادة الميلانين المسؤولة عن لون الشعر الأسود فيصاب بالشيب ونقص مادة الميلاتونين المسؤولة عن النوم فيصاب بالأرق وقلة النوم، ومنها ما هو تراكم بعض المواد كتراكم مادة لطع الشيخوخة في الجلد فيصاب ببقع داكنة في الجلد، ومنها ما هو نقص في وظائف بعض الأجهزة كنقص وظيفة الرئتين بنسبة 40%، ومنها ما هو بطء في حركة بعض الأعضاء كبطء حركة الأمعاء فيصاب بالإمساك، ومنها ما هو تصلب بعض الأعضاء كتصلب الشرايين فيصاب بإرتفاع في ضغط الدم.

هذه بعض التغييرات في الشيخوخة الحقيقة ولكن ماذا يحدث في الأنواع الأخرى من الشيخوخة؟

في مقاله "الدول بين الإبتكار والإندثار" ذكر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي أن أكبر 500 شركة في العالم عام 1955م لم يتبق منها عام 2015م  سوى 11% بسبب عدم قدرتها على المنافسة لتكون في الصدارة بسبب تخليها عن الإبتكار.

شيخوخة الشباب ليست من ذلك ببعيد. الشباب فترة عطاء وإنتاج إذا ما حرص أولئك الشباب على التطوير والإبتكار والإبداع، فترة حيوية ونشاط إذا ما حرصوا على الهمة والعزيمة والإقبال.

عند تحلي أولئك الشباب بتلك القيم والهمم سيظلون في صدارة العطاء والإنتاج لفترات وفترات، وعند تخليهم عنها سيفقدون تلك الصدارة وكأن الشيخوخة والوهن أصابهم. فهل ينتظر شبابنا شيخوخة مبكرة؟ ليست شيخوخة الجسم وإنما شيخوخة الصدارة والمنافسة.

كم من مشروع خيري ينادي هل من مشمر وكم من مبادرة مجتمعية تسأل هل من مبادر، كم من أسرة محتاجة تطلب هل من مساعد، وكم من مجتمع ناشئ يبحث هل من بان.

إذا ما أردنا لمجتمعاتنا أن لا تشيخ، يجب على شبابها السعي لرقيها ورفعها بالبقاء في مرحلة الشباب الحيوية النشطة المنتجة أطول فترة ممكنة بالصبر والمثابرة والإبتكار والإبداع.